أشار تقرير لوحدة البحوث والدراسات والتقارير في بنك بوبيان الى ان النصف الأول من 2011 يعتبر الأفضل من حيث إصدار الصكوك خلال السنوات الأخيرة حيث أظهرت الأرقام الخاصة بإصدارات الصكوك حتى نهاية هذا النصف استمرار النمو الكبير في الصكوك الذي تجاوز 44 مليار دولار من خلال اصدار حوالي 240 إصداراً متنوعاً حول العالم بالمقارنة مع 19 مليار دولار لذات النصف من العام الماضي وبنسبة نمو حوالي 132%.
بحسبة أخرى فإنه يمكن ملاحظة أن ما تم إصداره حتى نهاية يونيو 2011 يقارب ما تم إصداره خلال العام الماضي 2010 بالكامل ، مما يبشر ببداية انطلاقة أخرى قوية ومميزة للصكوك خلال هذا العام وذلك وفقاً لتقديرات المتخصصين المستندة إلى الإعلانات العديدة المتواترة عن نية العديد من الجهات اصدار صكوك خلال النصف الثاني من العام الحالي 2011 .
ويقدر العديد من المراقبين أن استمرار هذا الزخم في إصدار الصكوك بنفس القوة التي كان عليها في النصف الأول سيحقق قفزة أخرى جديدة تشابه تلك التي حدثت في 2007 لتسجل إصدارات الصكوك قمة جديدة في 2011 قد تصل أو ربما تزيد عن 80 مليار دولار أمريكي وهو رقم قياسي ان تم الوصول اليه فسوف تسجل الصكوك نمواً خلال هذا العام مقداره 60% على وجه القريب.
يتناول التقرير التالي الذي أعدته وحدة البحوث والدراسات والتقارير ببنك بوبيان الصكوك والتطورات التي شهدتها خلال عام 2010 وحتى النصف الأول من 2011 .
العودة القوية للصكوك
يرجع كثير من المتخصصين تلك العودة القوية للصكوك إلى القدر العالي من الأمان الذي تتميز به عن غيرها من الأدوات الأخرى والعائد المعقول وهو ما أدى إلى إقبال المستثمرين عليها في الفترة الماضية .
وتعتبر الصكوك أحد أهم الأدوات المالية الإسلامية التي تسهم بصورة فعالة في تمويل المشاريع الكبرى وبخاصة تلك المتعلقة بمشروعات البنية التحتية ، وقد اعتمدت عليها بلدان كثيرة في تمويل مشروعاتها الكبرى مثل ماليزيا التي مازالت تستحوذ على أكبر حصة في إصدار الصكوك عالمياً بنسبة كبيرة جداً عن أقرب منافس خلفها.
مثل العام الماضي عودة قوية إلى سوق الصكوك والذي عانى كثيراً بسبب الأزمة المالية العالمية حيث وصل عدد الصكوك المصدرة التي تم رصدها بواسطة جهات الرصد العالمية الشهيرة إلى حوالي 800 صك مختلفة الأنواع والأحجام بقيمة وصلت لحوالي 49 مليار دولار .
وكانت أعلي قيمة وصلها إصدار الصكوك في عام 2007 حينما لامس إصدار الصكوك سقف 47 مليار دولار في قفزة غير مسبوقة آنذاك حيث لم يكن يتجاوز حجم الصكوك المصدرة في عام 2005 الأحد عشر مليار دولار فقط ، ثم قفزت في العام التالي 2006 إلى ستة وعشرين مليار وصولاً إلى أعلى قمة تصلها الصكوك في 2007 قبل الأزمة المالية العالمية وما جلبته على صناعة الصكوك كغيرها من الأدوات المالية من خمول مؤقت ما لبثت أن انتفضت من جديد لتحقق في 2010 قمماً تاريخية جديدة لها.
ويرى الكثير من المحللين والمراقبين لتطور الصكوك الإسلامية أن عام 2007 كان هو البداية الحقيقية القوية لنمو الصكوك متجهة إلى احتلال موقعها الذي تستحق بوصفها أحد أهم الأدوات المالية الإسلامية وأكثرها قبولاً لدى الغالبية العظمى من المتمولين والمستثمرين مسلمين أو حتى غير مسلمين.
لكن الأزمة المالية العالمية وتداعياتها على قيم الأصول وبخاصة العقارية تحديداً التي تأثرت سلباً بالأزمة أدى إلى تراجع الإصدارات الجديدة من الصكوك إلى حد كبير ففي عامي 2008 و 2009 لم يتجاوز ما تم إصداره حوالي 17 و 32 مليار دولار على التوالي ، لكن سرعان ما استعادت الصكوك توازنها وثقة المدخرين فيها بعدما أظهرته من ثبات في مواجهة الأزمة وتحقيقها لعائدات مجزية وصلت خلال الأزمة إلى 7% وهي معدلات يمكن اعتبارها كبيرة مقارنة بأية أداة مالية أخرى في ظل الأزمة.
ويمكن القول أن انتعاش إصدار الصكوك بدأ مرة أخرى من منتصف 2009 وازدادت وتيرته مع بداية العام الماضي وهو ما يمثل حصة تقارب 11% من إجمال الأصول الإسلامية وهي في هذا تأتي في المرتبة الثانية بعد أصول البنوك الإسلامية مجتمعة التي تمثل أصولها 83% من إجمالي الأصول الإسلامية على مستوى العالم.
ماليزيا لا تزال في المقدمة
مازالت ماليزيا تتقدم دول العالم في إصدار الصكوك حيث واصلت تفوقها في النصف الأول من عام 2011 بعدد كبير من الإصدارات المتنوعة بلغت قيمتها أكثر من 26 مليار دولار تمثل قرابة 60% من إجمالي قيم الإصدارات العالمية خلال فترة النصف الأول من 2011 . وقد لعبت خطة التنمية الطموحة التي قوامها 444 مليار دولار دوراً بارزاً في بقاء تصدر ماليزيا وريادتها لصناعة الصكوك عالمياً واستحواذها وخدها على حصة تزيد عن نصف إصدارات العالم من الصكوك على وجه العموم.
إصدارات دول الخليج
شهدت دول مجلس التعاون الخليجي تطوراً نوعياً هاماً في إصدار الصكوك وبشكل ملحوظ في كل من دولة قطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية خلال الربع الأول من 2011 حيث شكلت إصداراتها قرابة نصف الإصدارات العالمية من الصكوك للمرة الأولى في تاريخها بنسبة بلغت حوالي 54% من الإنتاج العالمي تقريباً إلا أن إصداراتها خلال الربع الثاني لم تزد عن أربعة مليارات دولار بحصة قدرها 20% من الإصدارات العالمية خلال تلك الفترة.
ومن ناحية عملة الإصدار فمازال الريال القطري يحتل المركز الأول على بقية العملات الأخرى بدول الخليج بسبب الإصدارات التي تمت خلال الربع الأول من هذا العام 2011 ، وبنسبة 60% تقريباً من إجمالي الإصدارات الخليجية ، تلاه الريال السعودي بنسبة 10% من إجمالي الإصدارات الخليجية وإن كانت السعودية تأتي ثالثاً بعد الإمارات في حجم الإصدارات وذلك لأن معظم الإصدارات الإماراتية كانت بالدولار الأمريكي .
وتقاسمت كلاً من الكويت والبحرين النسبة الباقية حيث جاءتا في المركز الرابع بنسبة 4% لكل منهما من إجمالي الإصدارات الخليجية.
ووفقاً للعديد من الدراسات يتوقع أن تشهد دول مجلس التعاون الخليجي نمواً كبيراً في إصدار الصكوك خلال العام الحالي 2011 وفقاً للإعلانات العديدة عن إصدارات أخرى في طريقها إلى السوق المترقب لها ، حيث أن معظم الإصدارات كان الاشتراك بها يتجاوز المبالغ المستهدفة مما يعني ثقة كبيرة لدى المستثمرين في المنطقة نحو هذه الأداة الاستثمارية الإسلامية وكذلك يعتبر مؤشراً جيداً على استمرار نمو إصدار الصكوك بدول مجلس التعاون الخليجي بصورة تعود بها إلى وضع أفضل مما كانت عليه قبل الأزمة المالية العالمية .
أبرز أنواع الإصدارات والقطاعات المستفيدة
كان من أبرز الأدوات أو صيغ التمويل الإسلامي المستخدمة في إصدار الصكوك خلال العام الماضي 2010 الإجارة التي احتلت موقع الصدارة بنصيب شكل نسبة تزيد عن 55% من حجم وعدد الإصدارات مجتمعة ، يليهما منتج الوكالة بأنواعها بنسبة 17% ثم المشاركة بما تقدر نسبته بـ 14% ، فالسلم بنسبة 7% ، ومن ثم المرابحة بالنسبة الباقية من إجمالي حجم الإصدارات التي تمت في عام 2010.
أما في النصف الأول من العام الحالي 2011 فقد صعدت صكوك المرابحة إلى المقدمة بنسبة تزيد عن 42% من إجمالي حجم الإصدارات عالمياً ، يليها الإجارة بأنواعها لتشكل نسبة 16% من حجم الإصدارات ثم المشاركة بنصيب 9% من إجمالي حجم الإصدارات فيما تقاسمت بقية الادوات النسبة الباقية ، أما القطاعات التي استفادت وتم تمويلها من إصدارات تلك الصكوك فقد كان من أبرزها الخدمات المالية ، العقارات ، الطاقة ، النقل والقطاعات الاخرى .
الجهات المصدرة
مازالت الجهات السيادية وشبه السيادية هي اللاعب رقم واحد في إصدارات الصكوك على المستوى العالمي والإقليمي ، فالشركات وإن كانت تساهم بأعداد كبيرة من الإصدارات إلا أن القيمة وأحجام الإصدارات مازالت كبيرة في الإصدارات السيادية وشبه السيادية ، في النصف الأول من العام الجاري 2011 شكلت الإصدارات السيادية وشبه السيادية ما قيمته 73% من حجم الإصدارات العالمية من حيث القيمة والحجم في حين شكلت الإصدارات الخاصة بالشركات ما نسبته 27% من قيم وأحجام الإصدارات.
تعليقات
إرسال تعليق